🔫وجه المدفع الذي نراه!
عزيزي الموظف، نفيدك بعدم رغبتنا في تجديد عقدك، ونرجو منك مراجعة قسم الموارد البشرية للمخالصة وإنهاء الخدمات
الأستاذة الفاضلة، نشكر لكِ مجهودكِ في تحقيق مستهدفات الشركة، لكن بالنظر إلى وضع الشركة الحالي، فلن تكون هناك زيادة سنوية أو عمولة (بونس)، ونقدّر لكِ تفهّمكِ

قصتان حقيقيتان، تلخصان ما يعانيه الكثيرون، لا سيما حين يصل البريد الإلكتروني (الإيميل) من قسم الموارد البشرية (HR).
هذا القسم بات صيته كشبح يتخطف الموظفين من مناصبهم، أو يظلم في تقييماتهم ومكافآتهم. نعم، إنه من أكثر الأقسام التي قد تلاقي عدم محبة أو ترحيب: قسم الموارد البشرية، أو باختصار، قسم الإتش آر (HR).
_____________
أنا شخصياً ممن تلقى رسائل كتلك التي في الأمثلة السابقة، بل ما هو أشد وأمَر، وشعرت حينها بما يشعر به الكثيرون: “قسم الإتش آر لا يأتي إلا بِشر، والله يستر منهم!”.
وكثيراً ما شعرت بأنني منبوذ أو غير مرغوب بي عند مقابلة موظفي تلك الإدارة.
لكن لحظة!
هل قُلتُ للتو “موظفي تلك الإدارة“؟
مهلاً مهلاً، إن كانوا موظفين، فهم مثلي تماماً!
الإتش آر بشر… وليسوا منبع شر!
هذا يعني أنهم يقومون بعمل موكّل إليهم، وليس بمزاجهم إن صح التعبير. لديهم مؤشرات أداء ومهام وتقييمات، ومتابعة وتوجيهات، مثلنا تماما،
فعلاً، هم بشر، هم من بني آدم.
وأنا كمسلم أعرف أن “كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون“. أنا أخطئ، وأنت تخطئ، وهي تخطئ، والكل يخطئ، فنحن بشر. لدينا مشاعر، وقد تؤثر الظروف في قراراتنا فنخطئ، أليس كذلك؟
قسم الموارد البشرية أيضاً يُصيب ويُخطئ، فهم أيضاً بشر، أليس كذلك؟
قد تقول في ذهنك: هم مصدر الشر، هم لا يكترثون، هم يختارون من يحبون ومن يكرهون.
ولكن أذكّر نفسي أولاً ثم أنت عزيزي القارئ، أليس من قيمنا ومبادئنا التماس الأعذار لإخواننا؟
وجه المدفع: القصة ليست كما تبدو
أنا وأنت قد نُصدر الحكم (نُصيب أو نُخطئ) تجاه قرارات الإتش آر (يُصيبون أو يُخطئون) دون الجزم بالأسباب، بل بالتفكير السطحي في معظم الحالات.
الحقيقة أن الإتش آر ليسوا هم من وظفوك، ولا هم من فصلوك، ولا هم من حرموك الترقية، وليسوا أيضاً هم من صرف لك البونس.
الموارد البشرية أو الإتش آر ما هم إلا وجه المدفع الذي نراه وقد يُصيبنا بخير أو بِشر.
أنا لا أقول أنهم معصومون، ولا أتهمهم بالخطأ أو شخصنة الأمور. ولكن أقدّم وجهة نظر تعاكس تيار ما يُقال في كل مكان، عن الموارد البشرية وتحكمهم في حياة البشر.
فأول شيء هو الرجوع إلى الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم.
الدين الإسلامي الحنيف أوصانا بعدة نصائح في التعامل، منها ما يلي:
– المسلمون كالجسد الواحد.
– تعاونوا على البر والتقوى، ولا تعاونوا على الإثم والعدوان.
– إذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا.
– وغيرها الكثير من التوجيهات القرآنية والنبوية.
فيا إخواني وأخواتي، لا تلوموا موظفي الإتش آر في كل شيء. إن رأيتم ما يسيئكم، فتأكدوا أن فيه خيراً من الله، وتبيّنوا من الإتش آر، وتناصحوا وتشاوروا، فأننا شورى بيننا.
إن ظننت أن ما وصلك من الإتش آر سيئ، فضع نفسك في مكانهم. ماذا كنت ستفعل؟
ويا أعزائي في الموارد البشرية، اتقوا الله في زملائكم، وتحقّقوا قبل أن تتحدثوا، فالمؤمن من سلم المؤمنون من لسانه ويده. أعرف أنكم موظفون مأمورون، وفي عملكم للإتقان تسعون، لكن أرجو منكم البشاشة والصبر، والإنصات قبل اتخاذ القرار.
دور المستشارين: لتقريب وجهات النظر وضمان النماء
من خلال ما مضى، لا شك بأن العلاقة بين الموارد البشرية والموظفين هي علاقة تبادلية، وليست سلطة أحدهما على الآخر. فالجميع يسعون لتقديم أفضل ما عندهم.
وإن حصل الخلل (وهو وارد جداً وطبيعي)، فـ “الله الله على النصيحة، وجعلها مخلصة بلا فضيحة“.
وهنا يأتي دورنا كـ مستشارين، لا سيما في التحسين المستمر. فنحن نأتي كطرف خارجي محايد، لا نأبه بفلان أو فلانة، بل نأبه في ضمان النماء والاستدامة.
نحن المستشارون، مررنا بخبرات وتجارب، وقرأنا في مجال الأعمال تقريباً من كل جانب. في حال الخلاف (المتوقع في معظم الحالات) بين الإتش آر والموظف، نعود لتطبيق منهجياتنا وأدواتنا حسب كل قسم، وفي الوقت المناسب والمكان المناسب.
ختاماً، نحن كمستشارين نسعى لتقريب وجهات النظر بين كافة الجهات داخل المؤسسة، بما في ذلك الموارد البشرية، لضمان بيئة عمل عادلة ومنتجة للجميع.
وأنت عزيزي القارئ، هل تتفق معي في وجهة نظري حول الموارد البشرية (موظفون مأمورون، وبشر يصيبون ويخطئون) أم لك رأي مختلف؟
فضلا شارك رأيك في التعليقات أدناه
وتقبل تحياتي واعلم أنني أحب التفكير بشكل مختلف عن الآخرين، فلا أقصد الإساءة إلى أحد، بل أشارك وجهات نظري في الموضوع
